الأحساء ... واحة التاريخ
إرث تاريخي .. يفجر المفاجآت
خاص- التوافق: مؤمن زكارنة | عدد القراءات 107
قلما تجد في الأحساء موقعاً لا يحمل روايةً للتاريخ، قريبه أو بعيده، بشواهدٍ على الأرض، أو أخرى لا تزال طيَّ الرمال، فهي التي تُعد من أكبر الواحات عالمياً، تزخر بالعديد من المواقع التاريخية، التي تتجاوز الخمسة والسبعين موقعاً، منها الحصون العسكرية والقلاع الأثرية، والمساجد والقصور التاريخية، والعديد من آثار ماضٍ سحيق، يضع الأحساء في صدارة المناطق ذات الإرث التاريخي، لضخامة ما تحمله أرضها وما تحتويه.
هذا ما يؤكده متحف الأحساء الوطني، فيما يؤكد مديره الأستاذ وليد الحسين على أن الهيئة العليا للسياحة والآثار تقوم على استقطاب العديد من المراكز العلمية المشهورة المهتمة بالآثار والتنقيب عنها، للحفاظ على إرث هذه المنطقة وسبر رمالها للكشف عما تُخفيه من آثارٍ تعود إلى عصورٍ مختلفة.
خطوةٌ أولى ..
بين عاميّ 1403هـ/1404هـ انتهت أعمال البناء من تشييد متحف الأحساء الوطني على مساحة تُقدر بـ (4000 م² ) وفي عام 1405هـ بدأت عملية الانتقال إليه وتجهيزه ليكون بيتاً للتراث والآثار في الأحساء، وذلك لحين افتتاحه رسمياً برعاية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود نائب أمير المنطقة الشرقية آنذاك، في أواخر عام 1417هـ.
ويتكون المتحف من ثلاث صالات رئيسية: ( صالة الاستقبال، وصالة المحاضرات، وصالة المتحف الرئيسية ) بالإضافة إلى سكن مخصص لاستقبال كبار الزوار ، وبعثات التنقيب، واستوديو مجهز بمعمل للطبع وآخر للتحميض مع توفر معدات التصوير وملحقاتها، وقسم خاصٌ بترميم القطع الأثرية التي يُعثر عليها في مواقع التنقيب، ويحتوي على جميع الأجهزة الخاصة بذلك، وكذلك قسمان مجهزان لأعمال المسح والرسم، ويوجد بالمتحف أيضا مستودعان داخلي للقطع الأثرية والتراثية، وخارجي للمعدات والأدوات المستخدمة في التنقيب.
جولةٌ عبر التاريخ ..
يجد الزائر في مُستهل زيارته للمتحف، عدة لوحات تعريفية زينت أروقة صالة الاستقبال ، من أبرزها خريطة توضيحية تُظهِر المواقع الأثرية التابعة للمتحف في الأحساء، وكذلك عرضٌ جداري يتناول الأحساء قديماً عبر عدد من الصور التي تعود إلى أوائل القرن العشرين الميلادي.
بالإضافة إلى جزءٍ مخصصٍ للمتاحف الخاصة وإهداءات المواطنين، ويتضمن المجموعة الخاصة بالأمير محمد بن فهد بن جلوي رحمه الله محافظ الأحساء السابق، وفي صالة المحاضرات التي تتسع لأربعين مقعد، وتشتمل على شاشة للعرض السينمائي وتجهيزاتٍ تقنية أخرى لما يلزم في تقديم المحاضرات العلمية، يُمكن للزائر أن يشاهد عروضاً مرئية تتناول آثار وتاريخ الأحساء.
وفي صالة المتحف الرئيسية المتضمنة لعدد من خزائن العرض الزجاجية واللوحات التوضيحية والخرائط التفصيلية وفقاً لتسلسل زمني يُوثق تاريخ المنطقة.
وقد جُزئت الصالة الرئيسية لعدة أركان، تستعرض في أبرزها، آثار العصر الحجري القديم والوسيط والحديث من خلال عرضٍ لموقع (عين قناص بالأحساء) الذي يمثل آخر مراحل العصر الحجري الحديث مع عرض لتأثر المنطقة بالحضارات المجاورة في وادي الرافدين، وآثار مدن العصر البرونزي (حضارة دلمون) التي تعود إلى الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد (الفترة الأشورية والبابلية المتأخرة) واستعراض قِطع أثرية ترجع إلى عصر الجرهاء عُثرعليها في مواقع العقير والجرهاء، بالإضافة لشاهدٍ حجري كُتب عليه بالخط المسند الحسائي، يَبرز في ركنٍ خُصص للخطوط واللغات.
وفي أركانٍ منه يتناول الفترة الساسانية، ويعرضٍ بعضاً من القِطع الأثرية التي تعود إلى صدر الإسلام من هجر (الأحساء قديماً) والعقير، كما يًبين أثر إسلام قبيلة بني عبدالقيس وبنائهم لمسجد جواثا، بالإضافة إلى تاريخ دُول (العيونيون والعصفوريون والجبريون) والعصر الإسلامي الوسيط وحكم بني خالد والفترة العثمانية الأولى والدولتان السعوديتان الأولى والثانية والفترة العثمانية الثانية، واسترداد الأحساء على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، بالإضافة لعرض بعضٍ من المواد والأدوات التراثية الشعبية من الحياة الأحسائية بكل أنواعها .
مفاجأة مدوية ..
يقول أحد زوار المتحف من الجمهورية التونسية، إن ما وجدته هنا في متحف الأحساء، وما تعرفت عليه من معلوماتٍ تاريخية تُوثق آثار الأحساء على مرِّ العصور بدءًا من الحجري، ليُعد بمثابة المفاجأة المُدوية، وذلك لقِلة الموارد المعلوماتية حول الأحساء، ولعدم الدراية الكافية بتاريخ هذه المنطقة من شرق الجزيرة العربية، برغم الاهتمام الشخصي بقراءة التاريخ والإبحار عبر كتبه وأساطيره.
فيما يضيف زائرٌ آخر من جمهورية مصر العربية، حرصت منذ وصولي للأحساء، على تقصي تاريخها، وذلك لما وجدته من تعدد الشواهد الأثرية كالقصور وغيرها، وكان مُدهشاً جداً أن أجد هذا العُمق التاريخي الذي يواكب حضارات عديدة.
وفي هذا الصدد أكدت الهيئة العامة للسياحة والآثار، أنها تقوم على العديد من الطرق التعريفية بتاريخ المملكة وآثارها، بالإضافة إلى السعيِّ الدءوب لتسجيل العديد من المواقع التاريخية والأثرية ضمن السجلات العالمية، ولعل ما يدلل على ذلك، تسجيل الدرعية التاريخية ومدائن صالح وجدة التاريخية ضمن مواقع التراث العالمي، بالإضافة إلى ما تقوم به الهيئة من تنظيمها لعدد من المعارض على مستوى العالم بهدف التعريف بهذا البلد وعراقته، لكن لا بد لنا من إتاحة الوقت، فصناعة السياحة التراثية ما زالت حديثة بالمملكة، وأن القادم مُبشر بالكثير.
http://www.altwafoq.net/images/new_gallery/cache/mothaf_ahsa2-100x100.jpg" border="0" alt=""/>
http://www.altwafoq.net/index.php?/gallery/folder/204207