عيد الأحساء.. الماضي لن يعودسوق القيصرية مكان شراء ثوب العيد قديماً
الأحساء، تحقيق - صالح المحيسن
كما كانت البساطة تحيط بحياة الناس في
الماضي، كان العيد كذلك، حيث سيطر السوقان الشعبيان في الأحساء في يوم
الخميس ب "الهفوف"، والأربعاء ب "المبرز"، ومعهما "سوق القيصرية"، على وجهة
الآباء في الماضي من كافة القرى، وذلك لشراء مستلزمات العيد، التي لم تكن
تتعدى ثوبا جاهزا "سوقي"، وشيئاً من "الفصفص".
الحاج "صالح الطاهر" لم يستطع إخفاء ابتسامته ومعها شيء من الحنين
والحسرة في آنٍ واحد، حينما سألناه عن العيد في الماضي، ومبعث ابتسامته هو
تذكره أيام صغره وشبابه، وكأن لسان حاله يقول: "ألا ليت الشباب يعود
يوماً"، وأما سبب حسرته تلك فهو "شظف العيش" وصعوبة الحياة التي كانت تلف
بهم قبل أكثر من سبعة عقود، قائلاً: إن استعداداتهم تبدأ قبل ثلاثة أو
أربعة أيام من العيد، حيث كان والده - يرحمه الله - يصطحبه معه إلى "سوق
القيصرية" لشراء ثوب العيد، فكانوا يركبون "القاري" الذي يوضع على ظهور
الحمير، ويقطعون مسافة نحو (20 كم) من قريته إلى مدينة الهفوف، مضيفاً أن
ذلك يمثل حدثاً لا ينسى بالنسبة إلى الأطفال، وكانت السعادة لا حدود لها،
حيث لا ثوب جديدا إلاّ مرة واحدة أو مرتين خلال العام، أو ربما اكتفى بعضهم
بثوب عيد الفطر ليلبس في عيد الأضحى.
وأشار "صالح" إلى أن "سكبة العيد" أو "كشخة العيد" لا تكمل إلا بشراء
"البشت الحساوي"، مبيناً أن ذلك لم يكن مقتصراً على الرجال فقط، وإنما حتى
الشباب والصغار، حتى إنه كان معيباً على الشخص الخروج من دون بشت خصوصاً في
يوم العيد.
وعن كيفية معرفتهم بحلول العيد أوضح الحاج "صالح" أن في قريته "الشعبة"
كان فيها رجل يدعى "عبد الله بو حسن" هو من كان يأتي بخبر هلال العيد، حيث
كان يذهب ب"القاري" إلى مدينة "المبرز" التي تبعد قريته نحو (10 كم)، وهناك
كان يجتمع حشد كبير من الناس عند أحد العلماء المشهورين، وفي حال ثبوت
هلال عيد الفطر يعود مسرعاً ليخبر الناس بالعيد، لتعم الفرحة في كل القرية،
مشيراً إلى أنه فور سماع نبأ العيد يجتمع الأقارب والجيران، ويتوجهون على
شكل مجموعات إلى عيون الماء المنتشرة في المزارع الخاصة أو العيون العامة
للسباحة، مصطحبين معهم أدوات السباحة والحلاقة معاً، وهنا تعج العيون
بالناس حتى ساعة متأخرة من الليل.
وقال "عبدالله العبدالعزيز": إنه لما للعيد من وضع آخر، فذهابهم للعيون
كان بمثابة احتفالية خاصة لها طعمها المميز، مبيناً أن تبادل الزيارات بين
مجالس العائلات في القرى والمدن، جسّد صورة المحبة والمودة التي كانت تسود
المجتمع الأحسائي.
وأكد "أحمد الحرير" - 80 عاماً - على أنه نظراً لمحدودية عيون الماء
واكتظاظها بالناس، فقد كان بعض منهم يضطر إلى الذهاب إلى قنوات الصرف
الزراعي، أو ما سماه "الثبر" للسباحة، ذاكراً أنه لم يرى الناس عيباً في
ذلك؛ لبساطة الحياة وعدم التفات الناس إلى مثل هذه الأمور الصغيرة.
وكمظهر من مظاهر إظهار الفرحة كان "الفصفص" أو "الحَب" مادة رئيسية يوم
العيد، حيث تشتريه الأسر من الأسواق الشعبية أو من "الهفوف" خلال العشرة
الأواخر، حيث كان يعد من مظاهر الفرح والضيافة.
صغار يلبسون «البشت» ويعيشون أجواء الفرح
صالح الطاهر وعبدالله العبدالعزيز يتذكران عيد زمان
الاعتناء بالمظهر ضرورة رغم بساطة الحياة
«البشت الحساوي» أهم مظاهر العيد في القرى
http://www.alriyadh.com/2011/09/02/article663946.html