الريح والبلاط
حبيب محمود٢٠١٢/٩/١٦
تربية ناجحة بلا نظريات /16/490082]
[/email]
١ تعليقالذي
حدث هو أنني اتصلتُ بجاري؛ فردّت زوجته. ولأن الزوج لم يكن موجوداً؛
اختصرتُ الموضوع: يا أمّ علي؛ إن ابنيك تعاونا ضدّ ابني فضرباه..!
فردّت بكل جدية: سأرسل الطفلين إليك الآن؛ فأدّبهما كما تراه. ولم تمضِ
دقائق إلا والصغيران يطرقان الباب امتثالاً لأمر أمهما. وضعتُ الطفلين أمام
طفلي، وذكرتهما بكوننا جيراناً، والجيران لا يضرب بعضهم بعضاً، ولا يؤذي
أيّ منهم الآخر.. هيّا تصافحوا وتسامحوا، ولا تكرروا هذا الخطأ.
إنه
موقف ما زلت أتذكره لجارة صالحة. جارة من جيلنا، لا جيل جدتي ولا جيل
والدتي. لم تجادلني في حقيقة ادعائي، ولم تناقش فيمن ابتدأ بالاعتداء.
تصرفتْ بفكرة تربوية مارسها آباؤنا وأمهاتنا، وزبدة الفكرة هي أن الجيران
يشاركون في التهذيب، وفي التأديب إذا تطلّب الأمر. وبهذا تتعزز الرقابة
الاجتماعية انطلاقاً من قيم المجتمع نفسه.
وحدّثني صديقٌ فقال؛ اتصلت
به الشرطة لمشكلة تخصّ ابنه الذي لم يبلغ الرابعة عشرة. حين ذهب؛ عرف أن
ابنه تمازح وأقرانا له في الحيّ، فقذف ابنه بحصاة فأصابت عداد مياه بيت
جار. شاهد الجار الموقف؛ فأمسك بالصغير فصفعه..!
وصلت القصة إلى الشرطة
بين دعويين: الجار يتهم الصبي بالتخريب، والصبي يتهم الجار بالضرب. فما
كان من الأب إلا أن أمر ابنه بتقبيل اليد التي أدّبته.. فقبلها…!
وأقول
أنا: نشأتُ في قرية تحيط بها بساتين النخيل، وهذا الجوار أغرانا بدخول
بعضها وتناول بعض ثمار الموسم. وكان هذا سلوكاً مألوفاً وبريئاً. لكن والد
صديقي قال لي يوماً «لا أريد أن أسمع أنكم دخلتم نخل أحد من الناس»..
ومنذها؛ لم أدخل بستاناً ولم أمدّ يدي إلى «لوزة» أو «رمانة» ولا حتى
رطبة..!
كان المجتمع يشارك في التأديب والتهذيب، ويرحّب الآباء
والأمهات بهذا التدخل المسؤول، على نحو لا يمكن لأي نظرية تربوية حديثة أن
تنجح كما نجح آباؤنا الأميون البسطاء.
حبيب محمود راسل الكاتبنشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٨٧) صفحة (٢) بتاريخ (١٦-٠٩-٢٠١٢