الأحساء : مهنة ;الحِدادة ; تراث ينعى نفسه والعمالة غيّرت خريطتها الصناعية
16-02-2010 07:06 AM
( حساكم - عبدالله السلمان )
المتجول في أحياء مدينة الهفوف - وتحديدًا في شارع الحدادين - أول ما يلفت سمعه صوت المطارق الحديدية التي تُرفع بأيادٍ وطنية في سنها الخمسين والستين عامًا، ولكنهم قليلون ولا يتعدون عدد الأصابع، وفي كل محل تجد رجلَ المهنة يجلس بساعديه الأسمرين بعد أن أُنهِكَا من ثقل الحديد ولُسِّعا من الشرار المتطاير من كير النار، هذا الشرار الذي أصبح صديقًا لكل حدادٍ امتهن صناعة ;المحاش والفأس وأوتاد الخيام والسكاكين وغيرها ;.
ولعل التطور الذي حل في كل نواحي الحياة من حولنا جعل ;مهنة الحِدادة ; تراثًا شعبيًا بعدما كان الأجداد يعتمدون عليها في إنتاج ما يحتاجونه لأدوات الزراعة والطبخ والمجالات المعيشية الأخرى، وليس من السهل على أيِّ أحد أن يمتهنها بسهولة ، بل تحتاج إلى تدريب منذ الصغر وهواية فنية تساعد الممتهن على رسم شكل مصنوعاته.
ومن خلال جلستك عند الحداد العم مهدي محمد العامر والذي أمضى أكثر من 40 عامًا في محله لاتجد عنده آلة قياس ;بالسنتيمتر ; ولا مسطرة أو زاوية كي يقيس بها أطوال وارتفاعات ;المحش أو الفأس ; اللذين يعيد صناعتهما من حديد جديد أيَّا كان شكله ، بل يفصل مقاساتهما من خلال النظرة إما بالعين أو بالذائقة المهنية التي شكلتها الأربعة عقود وهو يداعب النار والحديد ؛ ولكن تقدمه في العمر واشتعال رأسه شيبًا اضطره لأن يستقدم عمالة تساعده على إشعال النار وطرق الحديد.
والحال هو نفسه مع العم محمد أحمد المبارك الذي ورث المهنة لأولاده حسين وسامي وابن عمهم عادل، فلم يعد قادرًا على حمل المطارق ومواجهة الحرارة وفضل أن يستريح صباحًا ومساءً أمام المحل لاستقبال الزبائن الذين ما زال يتذكرهم واحدًا واحدًا، ومن خلال حديثنا معه تراه يسرح بعيدًا عندما يبدأ ابنه ;حسين ; بالطرق تمامًا كمن يصغي لمعزوفة فنية تغسل ما تبقى من تعبه.
العم محمد أكد لـ ;الوطن ; أن مهنتهم في مآلها للانقراض؛ معللاً ذلك بعدة أمور منها غياب الدعم من هيئة السياحة والآثار وموت الكثير من الرواد الأوائل الذين يملكون أسرار المهنة وعزوف الشباب عن تعلمها لأن مردودها الاقتصادي ضعيف بعدما أصبحت معظم الآلات التي نصنعها تستورد من الخارج ، إضافة إلى حلول العمالة مكان الأيدي الوطنية وغيرت مسار خريطة الصناعة من حيث الجودة وطريقة التصنيع ، وهؤلاء أغلبهم يسافرون بلا عودة ولايمكنهم الاستمرار في الصناعة والمكوث في البلد لفترة زمنية طويلة.
وأوضح العم مهدي العامر أن المهنة أصبحت مقتصرة على مشاركتهم في المهرجانات الوطنية ;مثل الجنادرية ومعرض المملكة بين الأمس واليوم ; فلم يعد البيع فيها مربحًا.
وطالب محمد المبارك بأن تهتم أمانة الأحساء بمنحهم ;دكاكين ; في مبنى القيصرية الجديد حفاظًا على استمرار المهنة التراثية ، مقارنًا بين أسعار مصنوعاتهم قديمًا وحاليًا حيث انخفضت إلى أقل من النصف بكثير.
الأحساء : مهنة "الحِدادة" تراث ينعى نفسه والعمالة غيّرت خريطتها الصناعية - شبكة الأحساء الأخبارية - #حساكم #الأحساء
http://www.hassacom.com/news.php?action=show&id=5919